متى كانت الهجرة النبوية الى المدينة.. تعتبر الهجرة النبوية الشريفة حدثًا تاريخيًا عارمًا وبداية للتأريخ الإسلامي الهجري، وهي مصيبة تاريخية وعلامة فارقة في تاريخ الإسلام والمسلمين، فقد انتقل المسلمون مع رسول الله -صلَّى الله أعلاه وسلَّم- من مكة المكرمة حيث قاسوا كلَّ أنواع الألم والمعاناة إلى المدينة المنورة التي بدأ فيها المسلمون بتشكيل دولة إسلامية مستقلة بذاتها باستطاعتها أن الحراسة عن ذاتها مقابل المشركين الذين يترصدون بالمسلمين من كلِّ حدب وصوب، مهم ذكره إنَّ عام 1 للهجرة يوافق عام 622 ميلادية، وقد استمرَّت الهجرة حتَّى فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة فكلُّ من هاجر في هذه المدة سُمِّي مغتربًا، والله هلم أدري.

متى كانت الهجرة النبوية الى المدينة

 

لم يكن مرسوم الهجرة إلى المدينة المنورة مرسومًا عشوائيًا، فالنبيُّ -صلَّى الله أعلاه وسلَّم- لا ينطق عن الهوى، وإنَّما أوامره وحي من الله تعالى العليم الحكيم، ولذلك كانت عوامل هجرة الرسول إلى المدينة المنورة مع أصحابه عديدة ومنطقية، ومن أبرز تلك العوامل:

عدم تقبُّل قريش للإسلام: لقد عارضت قريش الدين الجديد وحاربته ودعت الناس إلى مقاطعة المسلمين تمامًا، مع أنَّ رسول الله -صلَّى الله فوق منه وسلَّم- كان حاد الحذر والتدقيق على دخول قومه في الإسلام إلَّا أن قريش أصرَّت على حرب المسلمين فلم تدع لهم خيارًا إلا الهجرة إلى المدينة.
تحضير المدينة المنورة: لقي رسول الله -صلَّى الله فوق منه وسلَّم- لدى العقبة في موسم فريضة الحج جماعة من الأنصار فدعاهم إلى الإسلام، وكانوا قد سمعوا بنبي آخر الزمن لدى يهود المدينة فأسلموا، وفي السنة التالي أتى إلى مكة اثنا عشر رجلًا من الأنصار، بعضهم ممن أسلم في السنة السبق، فبايع هؤلاء رسول الله -صلَى الله فوق منه وسلَّم-، ثم وفي وسط أيام التشريق بايع مجموعة من الأنصار رسول الله -صلَّى الله أعلاه وسلَّم- وأخبروه أنَّ المدينة مهيّأة تمامًا لاستقبال المسلمين.
الأذى الذي تعرض إليه رسول الله: لقد تعرَّض رسول الله لأنواع من الأذى والعذاب في الخطاب وفي الممارسات، روى عبد بن الله بن عمرو -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- أفاد: “بيْنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ أعلاه وسلَّمَ- يُصَلِّي بفِنَاءِ الكَعْبَةِ، إذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ فأخَذَ بمَنْكِبِ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ أعلاه وسلَّمَ-، ولَوَى ثَوْبَهُ في عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ به خَنْقًا شَدِيدًا، فأقْبَلَ أبو بَكْرٍ فأخَذَ بمَنْكِبِهِ ودَفَعَ عن رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ فوق منه وسلَّمَ- وتحدثَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقدْ جَاءَكُمْ بالبَيِّنَاتِ مِن رَبِّكُمْ
البأس الذي تعرض إليه المسلمون: عذَّبت قريش كلَّ من أسلم مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وخاصة المستضعفين منهم، فآل ياسر الذي تعرضوا للتعذيب القوي والقتل، فكان سميَّة أم عمار بن ياسر -رضي الله عنها- أول شهيدة في الإسلام، وقد قتلها المشركون طوال تعذيبها وتعذيب قرينها وولدها عمار.

 

مدد هجرة الرسول إلى البلدة

 

هاجر رسول الله -صلَى الله فوقه وسلَّم- رفقة أبي بكر الصديق -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- إلى المدينة المنورة، وقد مرَّ طوال هجرته بمراحل تُقسم بحسب المناطق التي سار فيها وتوقف لديها وأمسى لياليه فيها، وتشييدً على ذلك يمكن توزيع فترات هجرة الرسول إلى البلدة على الشكل المقبل

من مكة إلى غار ثور: في ليلة الـ7 والعشرين من شهر صفر في العام الرابعة عشر للبعثة، اجتمع رسول الله -عليه الصَّلاة والسَلام- مع والدي بكر الصديق -رضي الله عنه- وخرجا سرًا من مكة المكرمة صوب المدينة المنورة، غير أنَّ رسول الله تنبَّه إلى أنَّ المشركين سيسلكون الطريق الرئيس المتجه باتجاه المدينة وهو الطريق الذي بالشمال، فسلك مع صاحبه الطريق الذي بالجنوب وصولًا إلى منطقة جبلية ثور وهناك أقاما في غار ثور.
الإقامة في غار ثور: طوال إقامة رسول الله وصاحبه في غار ثور، لحقت جماعة من قريش بهما ووصلتْ إلى جبل، وفي تلك النكبة روى أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قال : “قُلتُ للنبيِّ -صَلَّى اللهُ فوقه وسلَّمَ- وأَنَا في الغَارِ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا”
وصول الرسول إلى المدينة: بعد أن نجا رسول الله -صلَّى الله أعلاه وسلَّم- وأبو بكر الصديق -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- من مخاطرة المشركين في غار ثور، بلغ رسول الله وصاحبه إلى خيمة أم معبد، فنزلا بها وسألا عن شيء من الغذاء يأكلانه، فلم يجدا لدى أم معبد إلَّا شاة هشة نحيفة لا لبن فيها، فمسح رسول الله بيده على ضرع الشاة فبارك الله فيها فحلبت وشرب الجميع منها، وبعد شقاء الطريق ومعاناة المسير وصل رسول الله -أعلاه الصَّلاة والسَّلام- وصاحبه إلى المدينة المنورة بإذن الله سبحانه وتعالى.