حكم المد العارض للسكون … المد لغةً هو الزيادة وإصطلاحا هو إطالة الصوت بحرف من حروف المد الثلاثة (أ، و، ي) لدى ملاقاة همزة أو سكون.

 

حكم المد العارض للسكون

القاعدة أنه لا يبدأ بساكن ولا يوقف على متحرك. والمد العارض للسكون تعريفه هو أن يجيء حتى الآن حرف المد أو اللين حرف متحرك في أحدث الكلمة ثم يقيم ذاك الحرف المتشدد من أجل الوقف، لأن الوقف لا يكون على متحرك مثلما نوهت القاعدة المتطور ذكرها فيكون هذا السكون عارضا من أجل الوقف فحسب، ولذلك سماه المحقق الإمام الجزري المد للساكن العارض مثال الوقف على كلمة (العالمين) مد طبيعي وصلا وإبانة له الراحة لأجل الوقف و(شفتين) (النجدين) (الخوف) (القوم) حرف سلس لا مد فيه وصلا وتوضيح السكون للحرف الواقف بعد حرف اللين بهدف الوقف. فهذا النمط يسمى بالمد العارض للسكون أو مد سهل عارض للسكون.

وحكمه جواز المد والقصر، والمد يكون بمعدل ست حركات أو بمقدار أربع حركات فيكون فيه ثلاثة قمته هي: القصر بحجم حركتين أو بكمية أربع حركات أو بمعدل ست حركات.

ولنعلم أن حرفي اللين هما “الواو والياء” الساكنتان المفتوح ما قبلهما، فقد ذهب قليل من العلماء حتّى حرفي اللين فيهما القصر ليس إلا عند الوقف، ومنعوا فيهما التوسط والإشباع نظرا لضعفهما بانفتاح ما قبلهما، ولكن جرى المجهود على عدم التفريق بين حرفي اللين وحروف المد لدى الوقف على المد العارض للسكون، ففيهم الأوجه الثلاثة عند الوقف بالسكون المحض أما عند الوقف بالإشمام أو بالروم فلا يسوى بين حروف المد وحرفا اللين مثلما سيأتي إخطاره.

وقد صرح صاحب التحفة في منظومته:
«والمد أصلي وفرعي له وسم أولا طبيعيا وهو

ما لا تبطل له على دافع ولا بدونه الحروف تجتلب

إلا أن أي حرف غير همز أو سكون جا حتى الآن مد فالطبيعي يكون

والآخر الفرعي موقوف على سبب كهمز أو سكون مسجلا

حروفه ثلاثة فعيها من لفظ واي هي في نوحيها

والكسر قبل اليا وقبل الواو ضم شرط وفتح قبل ألف يتعهد

واللين منها اليا وواو سكنا ان انفتاح قبل كل أعلنا.»

المد اللازم

والمد اللازم سمي لازما للزوم مده بمعدل ست حركات وصلا ووقفا عند جميع العلماء والأئمة، ولقد أجمعوا على لزومه موقف واحدة حال الوقف والوصل لا يزيد ولا ينقص عن الحركات الست، مثل (والصافات صفا) ولنعلم بأن الحرف المشدد بحرفين فمثلا (حاجك) أصلها “حاججك” ثم مسكن الحرف الأضخم وأدغم في الثاني.

 

وينقسم المد اللازم إلى كلمي وحرفي، وجميع من القسمين يقسم إلى مخفف أو مثقل.

الأساسي الكلمي المثقل: هو ما يكون فيه حتى الآن حرف المد حرف ساكن سكونه ضروري في خطبة واحدة مع إدغام ذاك الحرف المقيم في غيره فيصيران حرفا واحدا مشددا مثل (دابة)، ولذا القسم يكون أول السورة مثل (الحاقة) ويكون وسطها مثل (وحاجه قومه) ومثل (آلله أذن لكم)، ويكون آخرها مثل (ولا الضالين). وسمي ذلك المد كلميا لاجتماع المد مع الراحة في خطبة واحدة، ومثقلا لكونه مدغما أي مشددا.

الكلمي المخفف: وهو أن يجيء عقب حرف المد حرف ساكن سكونه لازم في كلمة واحدة من غير إدغام لهذا الحرف في غيره، ولم يوجد هذا القسم من الأساسي الكلمي المخفف سوى في كلمتين في القرآن الكريم هما (آلآن وقد كنتم به تستعجلون) (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين)، فكلمة (آلآن) كررت في موضعين من سورة يونس فبالاستماع للكلمة نجد الهمز ممدودا بعده راحة اللام. وسمي كلميا لاجتماع المد والسكون في كلمة، ومخففا لعدم الإدغام فيه، ومصدر الكلمة (أألآن) همزة في أول الكلمة ودخلت فوق منها همزة الاستفهام وأبدلت الهمزة الثانية حرف مد ألفا من جنس ما قبلها، ولذلك لزم المد مشبعا بحجم ست حركات. وهاتان الكلمتان فيهما أيضاً تيسير الهمزة الثانية بين بين من دون مد، وهذان الوجهان جائزان لحفص ولجميع الأئمة وإلى ذاك أشار الإمام ابن الجزري في طيبته بقوله:

وهمز بلغ منك ألله أذن أبدل لجميع أو فسهل واقصرن

وأما المد اللازم الحرفي فنوعان: مد حرفي مثقل ومد حرفي مخفف.

الأساسي الحرفي المثقل هو أن يجيئ عقب حرف المد راحة وطيد وصلا ووقفا في حرف هجاؤه على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد ولين أو حرف يسير فحسب، فإن أدغم ساكنه في حين بعده كان مدا لازما حرفيا مثقلا كالسين في أعقاب الميم بعدها من (طسم) وتنطق (طا سين ميم)، فإذا لم يدغم كان مدا لازما حرفيا مخففا كاللام في أعقاب الراء بعدها (الر) وتنطق (1000 لام را).

وهذا النمط من المد الضروري الحرفي بنوعيه فوجوده طول الوقت في أوائل السياج ليس إلا، وفي ثمانية أحرف أيضاً لاغير من الحروف الحادثة في قليل من فواتح السياج جمعت في قول بعضهم “كم عسل ندرة” أو مثلما أفاد بعضهم “ندرة عسلكم” أو “سنقص علمك” مع ملاحظة أن العين يجوز قصرها لحفص من سبيل الطيبة مع الالتزام بجميع محددات وقواعد الأداء من هذه الأساليب احترازا من التلفيق، ويجوز توسطها ويجوز إشباعها فقط من طريق الشاطبية. ويجوز لحفص ايضاً إدغام نون (يس) في الواو مع مكوث الغنة (يس والقرآن الحكيم)، مثلما يجوز أيضاً في نون (نون والقلم وما يسطرون) وحال الإدغام يدعى مدا لازما حرفيا مثقلا.

 

والخلاصة أن المد اللازم الحرفي يسمى مثقلا إن وجد إدغام، وإن لم يبقى ادغام سمي مخففا.

أما بقية الحروف الواقعة في أوائل قليل من الكردون في أعقاب حروف “سنقص علمك” الثمانية الخاصة بالمد الضروري الحرفي بنوعيه ولقد جمعت في خمسة أحرف في قول بعضهم “حي طهر” وحكمها أن تمد مدا طبيعيا بمعدل حركتين عدا الألف فلا مد فيها، مثال ذاك كما ننطق (الر) فالألف لا مد فيها أما اللام ففيها ست حركات والراء تمد مدا طبيعيا بحجم حركتين. ايضا مثل الهاء والياء من قول (كهيعص) في أول سورة مريم والطاء والهاء في أول سورة (طه) وكالحاء من صوب (حم).