نتائج حرب تموز 2006 على لبنان مفاجآت حرب تموز 2006 … عقب شهر من افتتاح إسرائيل حربها على لبنان، يكون من النافع أن نتوقف عند تلك الموقعة المتميزة من طرازها في الوضعية والوسيلة والنتائج، توقفاً نقوم باستعراض فيه ما حدد لها من غايات وما آلت إليه من نتائج حتى الآن تلك المدة التي تمثل طويلة نسبيا إذا ما قورنت بحروب إسرائيل السابقة ضد العرب.

إنها المعركة ذات المقاصد البعيدة المجال والجذرية التأثير.. حرب أرغب لها أن تكون المدخل إلى إعادة بلوَرة شمال أفريقيا والخليج الجديد، أو الكبير، أو بالأصح شمال أفريقيا والخليج المستعمر أميركيا.

نتائج حرب تموز 2006 على لبنان مفاجآت حرب تموز 2006


ثبت لأميركا أن لا واحد من في الداخل يمكنه تأدية المرسوم 1559، فقررت تعيين إسرائيل بالمهمة وانتظرت الحالة المناسب للتنفيذ، واستغلت الولايات المتحدة وإسرائيل عملية أسر الجنديين وأطلقتا عمليتهما المخططة

1- خلفية الموقعة: بدأت إسرائيل عدوانها إثر عملية أسر جنديين من جيشها يوم 12 تموز/تموز 2006، عدواناً كانت ترى فيه عوز لها منذ العام 2000 (ثأراً لهزيمتها وإرجاع اعتبار لجيشها)، وكانت حضرت له منذ ثبت عجز المحور الأميركي المتشعب الامتداد داخليا وعربيا ودوليا عن تأدية أمر تنظيمي نقل لبنان من محور الممانعة والرفض لمشروع أميركا إلى محور التبعية لها. لقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية أن تستثمر احتلالها للعراق وتفرض على كل دول المنطقة الخضوع فاصطدمت بعقبات ثلاث:

– الأولى في إيران التي رفضت التخلي عن برنامجها النووي كما رفضت مد الولايات المتحدة بالتيسيرات اللازمة لاستقرار احتلالها للعراق.

– الثانية في سورية التي رفضت قام بانتزاع سلاح حزب الله في لبنان، مثلما أنها لم تقدم لأميركا الخدمات الطموح والعسكرية في الداخل العراقي لتجعل الاحتلال فيه أمرأ يسيراً، كما رفضت طرد ممثلي الصمود الفلسطينية من أراضيها.

– الثالثة في حزب الله الذي هزم إسرائيل عام 2000 واستمر في إنشاء قدرة عسكرية ذات مواصفات متميزة من صنفها تقع بين الشدة الكلاسيكية النظامية (جيش) وغير النظامية، وصاغ هيكلية عسكرية ذات قدرات حادثة لتأسيس تخويف جدي لإسرائيل يمكن الحزب من شل قدراتها إذا شاءت الشغل بسياسة “الذراع الطويلة” القادرة على التأثير في كامل الشرق الأوسط لخدمة المصالح الأميركية الإسرائيلية المشتركة.

لقد نهضت الولايات المتحدة بالعمل منفردة أو مع مؤيدين أو حلفاء لها فورا، أو بأسلوب ملتوي عبر الاستدراج واستصدار الأحكام العالمية مقابل هذا وذاك من عناصر الفريق الممانع. وكان الأهم في ذلك المرسوم 1559 الذي اختصر الأمر بتغيير الإطار في لبنان وعزل جمهورية سوريا وتجريد حزب الله من سلاحه، والأمر الأخير هو منزل القصيد.

إلا أن تبين لأميركا أن أحدا في الداخل لا يمكنه تنفيذ المرسوم، فقررت توظيف إسرائيل بالمهمة وانتظرت الحالة الموائم للتنفيذ. واستغلت أميركا وإسرائيل عملية أسر الجنديين على الخط الأزرق في جنوب لبنان من قبل الصمود كي تحرر أسرى لبنان بالمبادلة، وأطلقتا عمليتهما المخططة. وأعربت إسرائيل فورا أن مقاصد العملية هي:

2- غايات الموقعة: ونميز فيها بين:

أ- الأهداف المعلنة المباشرة:

– إعطاب حزب الله ونزع سلاحه، بما يسهل عملية انتقال لبنان كليا إلى القبضة الأميركية. وإعتاق يد إسرائيل في أعقاب تخليصها من ابتزاز قذائف صاروخية.

– تحرير الأسرى العساكر الإسرائيليين، عقب رفض أي عملية تداول مع حزب الله.

– تطبيق القرار 1559 بما فيه من عرَض البلد سيطرتها على الجنوب، ونشر الجيش على الأطراف الحدودية في صيغة تجعل منه حرساً للحدود مع إسرائيل.

ب- الغايات المضمرة أو الحقيقية للحرب هي:

– استرجاع تمكُّن الردع الإسرائيلية بعد أن تآكلت منذ العام 2000.

– توفير الوضعية الملائم لأميركا للانطلاق إلى شمال أفريقيا والخليج الجديد عبر:

تطويع الإرادة السورية للقرار الأميركي عن طريق وضع لبنان برمته في موقع الرفض لها، ثم “المحاصرة لها” في أعقاب اجتثاث الفرقة الرياضية اللبناني الأوحد الذي يجاهر بتحالفه معها.

قطع الأطراف الإيرانية الخارجية وإبعاد السيف الذي قد تسله إيران على إسرائيل انطلاقاً من لبنان، وإلزام واقع يمكن من الإتساع إلى الوضع الإيراني لنقل رسالة واضحة للجميع “انتهى عهد الممانعة للقرار الأميركي في شمال أفريقيا والخليج” وعليكم الانصياع ليس في الملف النووي فحسب لكن في مختلف شأن أو وجّه يقصد إيران داخلياً أو خارجيا، لو كان من حاله أن يؤثر على القرار الأميركي في أي وجه.

وهنا نذكر أن إرجاع بلوَرة الشرق الأوسط على أنقاض معاهدة سايكس بيكو تعني أميركيا:


من غايات الموقعة المضمرة الإمساك بالقرار وإحكام القبضة على دول الشرق الأوسط التي كانت خارج بيت الطاعة والتبعية الأميركية، ثم معيشة الأنظمة السياسية الخاضعة من العراق إلى فلسطين إلى لبنان

– الإمساك بالقرار والسيطرة في دول شمال أفريقيا والخليج التي كانت خارج منزل الطاعة والتبعية الأميركية، ثم مورد رزق الأنظمة السياسية الخاضعة من العراق إلى فلسطين إلى لبنان.

– تجزئة الدول الشرق أوسطية الكبرى إلى دول طائفية أو عرقية صغيرة لا تملك مقومات الجمهورية القادرة على حراسة ذاتها أو الاستمرار من غير دعم خارجي معين خصوصا في الميدان الأمني.

– أما عسكريا فيكون على الحكومات القريبة العهد أن لا تفكر في تأسيس جيوش القتال، إذ إن الولايات المتحدة وإسرائيل هما وحدهما اللتان لهما الحق في ذلك، أما الآخرون فليس لهم زيادة عن قوات مسلحة/شرطة لقمع الشعب وحظر أي حركة رفض للسياسة الأميركية في الداخل.

3- الخطة العسكرية الميدانية للعدوان على لبنان:

من استقراء ما نفذ من التدبير ومن متابعة مسارات الموضوعات في الشهر الأكبر منها، يمكن لنا أن نقول بأن الخطة الإسرائيلية الأساسية وقفت على قدميها على ما يلي:

أ- في مدة أولى مدة القذف التدميري، وتكون عبر:

– تدمير شبكة المواصلات اللبنانية الجنوبي وإليه وإغلاق كل المداخل التي تصل لبنان بالخارج (برا وبحرا وجوا) لهدف أساسي هو قطع أي نمط من الإمداد لحزب الله كهدف مباشر، والتضييق على المدنيين لحملهم على الانتفاضة مقابل المقاومة كهدف غير مباشر.

– اغتيال مديرين حزب الله في بيوتهم بتدميرها عليهم، ثم الهجوم على مراكز الريادة والاتصال لشل الحركة وتفكيك التنظيم عبر الفتك بقيادته وخلق الحالة الحرجة والتشتت في التنظيم.

– تدمير البنية اللوجستية للمقاومة وكل ما يعتقد بأنه مخزن أو مخزن أو قاعدة اتصال للمقاومة.

– إحراز المجازر والتضييق على القاطنين لحملهم على التحلل من المقاومة أو الضغط أعلاها، ما يؤدي إما إلى “وفاتها” عبر تجفيف المياه عن السمكة (الصمود) أو خنق السمكة بضغط المحيط فوق منها.

– إكمال المدة بوضع تكون فيه المقاومة مقطعة الأوصال، مشلولة الفعالية، متناثرة الأشلاء.

ب- في مرحلة ثانية “اجتثاث المقاومة” بالإجهاز على أشلائها، وهذا بأن:

– تقوم القوات البرية بعملية اجتياح سريعة مبسطة وغير مكلفة تكون مقصدها “تطهير مراكز الصمود” وتجريد من توجد من مقاتليها من سلاحه -إن أبقي عليهم أحياء- وسوقهم عقب ذاك إلى “المحاكمة العادلة” بالمنطق الأميركي، واسترجاع محاولة “معتقل أنصار” في الحد الأدنى أو غوانتانامو من الممكن لأن تلك المدة ضرورية ولازمة بجميع تأكيد بمنطق وبصيرة إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية للتخلص من “المقاومة الإسلامية” وجوداً وفعالية ثم فكراً ونمواً أو إسترداد إنشاء، لأن لبنان من غير ذلك لا يمكن أن ينتقل كلياً إلى القبضة الأميركية الإسرائيلية من غير الاحتياج إلى مجموعات جنود عسكرية دائمة فيه، والاجتياح البري وجوب حتمية في الخطة لأن إسرائيل وأميركا تعلمان أن الطيران والمدفعية لا تمسك أرضا ولا تحقق نصراً ناجزا، بحيث يكون الاجتياح في الحد الأدنى إلى نهر الزهراني مع احتمال تعديله إلى مجرى مائي الأولي أو أبعد وفقاً للنتائج المتحققة والتكلفة المدفوع.

– مواصلة تدمير بنية حزب الله لاجتثاثه كلياً في الصيغة المدنية المؤسساتية، على نمط “اجتثاث البعث” الموالي لصدام حسين في دولة العراق (بالطبعً مع الفارق الجذري في الشبه بينهما أو حتى المقارنة) للقول للشعوب حتى الآن هذا: لا تفكروا في قوى معارضة مشروعنا، فكما كانت معركة تشرين الأول/تشرين 1973 آخر الحروب النظامية مع إسرائيل، تكون موقعة 2006 ضد حزب الله أجدد الحروب غير الكلاسيكية التي تواجهها إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية في شمال أفريقيا والخليج، حتّى يصار عقب ذاك إلى تعميم ثقافة حظر تكوين قوات المقاومة الشعبية ثم منع تزويدها بالسلاح أو تدريبها في أي مقر أجدد للتخلص بشكل قاطعً من هذا عدم الأمان.